الأربعاء، 7 أغسطس 2019

تجربة مختلفة في البحث عن عمل

البرق الشرقي | كنيسة الله القدير | صورة عن حياة الكنيسة
البرق الشرقي | كنيسة الله القدير | صورة عن حياة الكنيسة


تجربة مختلفة في البحث عن عمل

بقلم ليانغ شين
توجد في مجتمع اليوم أنواع مختلفة من الشركات الكبرى ما يوحي بوجود عدد لا يحصى من فرص العمل. إنما سنة بعد سنة، يزداد عدد خرّيجي الجامعات وتنخفض قيمتهم. فسوق المرشحين المؤهلين للتوظيف مزدحم للغاية ويصعب الحصول على موطئ قدم، لذلك أصبحت صعوبة العثور على عمل بعد التخرّج مشكلة فعلية للغاية. بالنسبة إلى كل شاب على أعتاب الدخول إلى المجتمع بعد الدراسة، فإن القضية الأكثر إثارة للقلق التي يتعيّن عليه مواجهتها هي إيجاد عمل، لا سيما في شركة جيّدة. فيتظاهر الجميع بالشجاعة ويجهدون أدمغتهم محاولين شق طريقهم – إذ المنافسة والضغط شديدان. مع اقتراب تخرّجي، لم يكن لدي سوى خيار مواجهة محنة العثور على وظيفة مثل أي شخص آخر. الأمر الوحيد المختلف لدي هو أنني مسيحية وأعتقد أن الله يعدّ كل شيء. ومع ذلك…

توزيع نسخ من السيرة الذاتية عشوائيًا هو الطريق الشاق للباحث عن عمل

عندما بدأت لافتات التوظيف من جميع أنواع الشركات الكبرى بالظهور، ونُشرت جميع أنواع إعلانات التوظيف في جميع أرجاء الحرم الجامعي، احتشد جميع الطلاب أمام لوحة الإعلانات لقراءة كل إشعار عن فرص التوظيف. كانت مواقع العمل والراتب وشروط التوظيف محور أحاديثنا اليومية الأساسية. أصبح الجو في الحرم الجامعي متوترًا للغاية. بدا الطلاب كجنود يستعدون للحرب، ويرغبون في العثور على مركز يلقى استحسانهم. بدأنا جميعاً نشمّر عن سواعدنا استعدادًا للعمل.
ذات يوم، عادت طالبة من الطالبات المتفوقات كانت زميلة لي في السكن الجامعي مجددًا والاكتئاب بادٍ على وجهها، وقالت بفتور: “لا أمل بذلك، مرة أخرى. تطلب مني كل شركة أن أنتظر اتصالاً منها، لكن حالما أغادر، أصبح شبيهة بذرة رمل أخرى على الشاطئ”. كلماتها جعلت قلبي ينقبض دون إرادتي، وقلت في نفسي: “إن كانت فتاة مثلها، أفضل طالبة في سكننا، تواجه هذه الصعوبة في العثور على عمل، إذًا ماذا سأفعل أنا؟” ثم تابعتْ قائلة: “لا فائدة على الإطلاق من تقديم سجل درجاتي، فوكالات التوظيف لا تلقي عليه نظرة حتى. إنهم يهتمون بمظهرك الجميل، وكيفية تصرفك. فإن لم يكن مظهركِ جذابًا، فأنتِ تتعبين نفسكِ سدى”. هذه المرة أخافتني حقًا كلماتها: “هذا صحيح! أصبح المجتمع سطحي للغاية الآن، لذلك إما أن يكون مظهرك جميلاً أو أن تستغلي مكانة والديك للحصول على وظيفة. إن المثقفات مثلها، قصيرات القامة ولا يتمتعن بجاذبية، ولا يجدن التصرّف، بغض النظر عن حسن أدائهن في المدرسة، يجعلن كل فتاة أخرى تبدو أفضل. أنا مثلها تمامًا – قصيرة وأتمتع بمظهر عادي لا يلفت الانتباه قطعًا. كيف سأواجه مسألة البحث عن عمل؟” عند التفكير في كل هذا، بدأ القلق يساورني بشأن العثور على وظيفة.
خلال تلك الفترة، حضرت بعض وكالات التوظيف إلى كليتنا، ورافقت زميلات لي في الصف للتحدث معهم. بمجرد دخولنا إلى قاعة المدرسة، تفاجأت بعدد غفير من الناس. طوابير طويلة امتدت أمام طاولة كل مسئول من مسؤولي التوظيف، وكان جميع الباحثين عن عمل يتدافعون بحماس نحوهم، عازمين على أن يكونوا أول من يضع سيرتهم الذاتية بين أيديهم. غير أنني سمعت أن العقود التي وُقعت بنجاح كانت نادرة. فالسير الذاتية المعدّة بطريقة منمّقة مع الصور المرفقة على الصفحة الأولى مكدّسة على الأرض، ومتناثرة في كل مكان، حتى أن بعضها يظهر عليها آثار الأقدام التي داستها. شعرت بغصّة تلو الغصّة، ولم أقو على كبت نفسي من إطلاق تنهيدة عالية قائلة: “مَن يقول إن الذهاب إلى الكلية سيضمن لكم مستقبلاً جيدًا؟ حتى العثور على وظيفة يكاد يكون مهمة مستحيلة!” رُفِض الطلاب الواحد تلو الآخر، الأمر الذي أضعف ثقتهم بأنفسهم. حتى أن بعضهم استسلم لليأس وقالوا بعجز: “لا يهم، يبدو الأمر مستحيلاً. سأوقّع على أي شيء وأنتهي”. حين رأيت زملائي يخيب أملهم واحدًا تلو الآخر، انتابني الهلع. فكّرت في شركة سبق أن أثارت اهتمامي بدوامها المرن الذي لا يتداخل مع حضور الاجتماعات – كان كل شيء مناسبًا تمامًا. صليت إلى الله وتركت المشكلة بين يديه ليرتبها – لكن هذه الشركة لم ترسل حتى الآن مسؤولين عن التوظيف. لذا فلم يسعني إلا أن شعرت بالقلق، وقلت في نفسي: “لماذا لم تبدأ هذه الشركة بالتوظيف حتى الآن؟ إن لم يأتوا واستمريت على هذا المنوال، فلن أحصل على وظيفة في أي مكان آخر. ألن يؤخر ذلك تطلعاتي المستقبلية؟”

انتظرت بقلق، لم لا أدع المسألة بين يديّ الله؟

حين تنبّه زملائي في الصف إلى أنني لا أسعى وراء شركات أخرى، قالوا لي جميعهم: “أنتِ تنتظرين سدى. من غير المؤكد أن هذه الشركة ستأتي للبحث عن موظفين في الكلية هذا العام، وإن لم يأتوا، فلن تحصلي على فرصة عمل. ماذا ستفعلين حينها؟ ستكون يداكِ مكبّلتين”. عند سماع ذلك، لم يسعني سوى أن شعرت بالقلق، وقلت في نفسي: “إنهم على حق! إن لم تأت هذه الشركة حقًا، وحالما تنتهي هذه الشركات من التعاقد مع موظفين، سيذهب كل شيء سدى. لقد قضيت أربع سنوات في الكلية. إن كان عليّ حزم أمتعتي والعودة إلى مسقط رأسي بعد كل هذا، فكيف سأتمكن من مواجهة جميع أفراد عائلتي وأصدقائي الذين وضعوا عليّ آمالاً كبيرة؟” لكنني مرة أخرى حوّلت أفكاري إلى الله، واضعة في ذهني دائمًا أن الله سيعدّ لي شيئًا. فكرت وفكرت، وبقيت مصمّمة على الانتظار. لكن الانتظار جعل الأيام تمرّ متثاقلة جدًا. سمعت بعض الشائعات بأن تلك الشركة لن تأتي إلى كليتي للتعاقد مع موظفين في تلك السنة، وفي كل مرة كنت أسمع ذلك، كنت أُصاب بالتوتر الشديد. لطالما كنت أشعر بالقلق على مستقبلي وكانت ثقتي بالله تضعف. في أحد الأيام اتصل بي أحد أقاربي ليسألني عن نتيجة سعيي وراء عمل فشرحت له وضعي. سألني: “هل لديك شهادة من المستوى الثاني للكمبيوتر؟” فأجبت: “لم أتقدم إلى اختبارً في ذلك.” ثم سأل: “هل تشغلين أحد المراكز في كليتك؟” فأجبته قائلة: “كلا”. قال: “هل تنتمين إلى حزب معيّن؟” فأجبت: “كلا”. عند سماعه هذا، قال: “لا تفكري إن كانت تلك الشركة ستأتي أم لا، فبدون أي من هذه الأمور، سيكون من الصعب عليك أن تحصلي على وظيفة في أي مكان!” انهمرت كلماته عليّ مثل دلو من الماء البارد غمرني من رأسي حتى قدميّ، وتجمّد الدم في عروقي، وقلت في نفسي: “سيكون الأمر رائعًا لو كنت قد نجحت في اختبار هذه الشهادات! لو شاركت في هذه الأنشطة الجامعية بطريقة أكثر استباقية، ألن تكون فرصي في العثور على عمل أكبر؟” لكن بعد ذلك فكّرت: “لكن الطالبة الأبرز في سكني حازت على كل أنواع الشهادات، ألا تجد صعوبة في إيجاد عمل؟ لا تلعب هذه الشهادات دورًا حاسمًا أيضًا”. شعرت بهدوء أكبر بعد التفكير في ذلك.
مرّت الأيام وتضاءل عدد وكالات التوظيف. كنت قلقة قلقًا لا يحتمل، لكن لم يكن بوسعي فعل أي شيء سوى أن أتضرّع إلى الله وأصلّي: “يا الله! إنني أتألم حقًا الآن ولا أعرف ما الذي يجب عليّ فعله حيال مسألة البحث عن عمل. أخشى أن أفقد تطلعاتي المستقبلية وألا أحصل على أي شيء، وأصبح في نهاية المطاف مهزلة أمام زملائي في الفصل. ماذا يجب أن أفعل؟ بعد الصلاة، أخرجت مفكرةً اعتدت أن أكتب فيها كلمات من كلام الله، وقلّبت صفحاتها. وقعت على ترنيمة تمدح الله كتبها داود: “وَاحِدَةً سَأَلْتُ مِنَ يَهْوَه وَإِيَّاهَا أَلْتَمِسُ: أَنْ أَسْكُنَ فِي بَيْتِ يَهْوَه كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِي، لِكَيْ أَنْظُرَ إِلَى جَمَالِ يَهْوَه، وَأَتَفَرَّسَ فِي هَيْكَلِهِ. لِأَنَّهُ يُخَبِّئُنِي فِي مَظَلَّتِهِ فِي يَوْمِ ٱلشَّرِّ. يَسْتُرُنِي بِسِتْرِ خَيْمَتِهِ. عَلَى صَخْرَةٍ يَرْفَعُنِي. وَٱلْآنَ يَرْتَفِعُ رَأْسِي عَلَى أَعْدَائِي حَوْلِي، فَأَذْبَحُ فِي خَيْمَتِهِ ذَبَائِحَ ٱلْهُتَافِ. أُغَنِّي وَأُرَنِّمُ يَهْوَه. … لَكَ قَالَ قَلْبِي: “قُلْتَ: ٱطْلُبُوا وَجْهِي“. وَجْهَكَ يَهْوَه أَطْلُبُ. … عَلِّمْنِي يَارَبُّ طَرِيقَكَ، وَٱهْدِنِي فِي سَبِيلٍ مُسْتَقِيمٍ بِسَبَبِ أَعْدَائِي. لَا تُسَلِّمْنِي إِلَى مَرَامِ مُضَايِقِيَّ، لِأَنَّهُ قَدْ قَامَ عَلَيَّ شُهُودُ زُورٍ وَنَافِثُ ظُلْمٍ. لَوْلَا أَنَّنِي آمَنْتُ بِأَنْ أَرَى جُودَ يَهْوَه فِي أَرْضِ ٱلْأَحْيَاءِ. ٱنْتَظِرِيَهْوَه. لِيَتَشَدَّدْ وَلْيَتَشَجَّعْ قَلْبُكَ، وَٱنْتَظِرِ يَهْوَه” (المزامير 27: 4-6، 8، 11-14). حين رأيت الكلمات التي في نهاية الترنيمة: “وَٱنْتَظِرِ يَهْوَه”، انجذب قلبي إليها. تابعت القراءة: “تلك التي يشرق عليها نوري، يجب أن تعتمد عليّ في نبذها، عش بجانبي دائمًا، كن قريبًا مني، ويجب أن تكشف أفعالك عن شكلي. يجب أن تتشارك معي أكثر عندما لا تكون واثقًا مما يجب عليك القيام به، وسوف أرشدك نحو الأفعال الصحيحة حتى تتقدم للأمام. لو كنت غير واثق، لا تقوم بأفعال اعتباطية؛ فقط انتظر وقتي” (“الفصل التاسع والعشرون” في “أقوال المسيح في البدء”). “أنتم لا تؤمنون بحضوري بينكم وغالباً ما تعتمدون على أنفسكم عند القيام بشؤونكم. “أنتم غير قادرين على القيام بشيء من دوني أنا!” لكنكم مع ذلك أيها الفاسدون دائماً ما تسمعون كلماتي تدخلُ أذناً ثم تخرج من أُخرى. الحياة اليوم هي حياة الكلمات؛ فبدون كلمات لا توجد حياة ولا توجد خبرة، ناهيك عن الإيمان. يكمن الايمان في الكلمات؛ إذْ فقط عبر انغماسٍ أعمق في كلمات الله يمكن أن تحصلوا على كل شيء. لا تقلقوا من عدم النمو، فالحياة تأتي عبر النمو وليس عبر القلق من أجله.” “دائماً تميلون للشعور بالقلق ولا تستمعون إلى تعليماتي وتودّون دوماً أن تكونوا أكثر سرعة من إيقاعي. ما سبب كلّ هذا؟ السبب هو الطموح الجامح لدى الناس. … يا لَعمى البشر! لماذا لا تَسْعَوْنَ وتقتربون أكثر من حضرتي؟ لمَ تتصرفون على نحو أعمى فقط؟ عليكم أن ترَوا بوضوح! لا رَيْبَ أنّ الذي يعمل الآن ليس مجرد شخص بل إنه الحاكم فوق الجميع، الإله الحقيقي الوحيد -القدير!” (“الفصل السابع والثلاثون” في “أقوال المسيح في البدء”).
بعد أن قرأت كلام الله، شعرت فجأة أن قلبي ابتهج. قلت في نفسي: هذا صحيح! ألست شخصًا استبداديًا أعمى وأحمق يحاول الاتّكال على نفسه؟ مع أنني تركت مسألة العمل بين يدي الله لكي يقررها، فعندما لم تتم تسوية المسألة، فقدت الثقة بالله ولم أنتظر حتى يدبّر الله لي الظروف أو أتخذ موقف السعي والطاعة. بدلاً من ذلك، شعرت بالقلق على مستقبلي ومصيري. عند مواجهتي هذه الحقائق، رأيت أخيرًا أن فهمي لقدرة الله وحكمه كان مجرد شعار، مجرد عقيدة، لكن إيماني الفعلي بالله كان تافهًا حقًا ولم يستطع تحمل اختبار الزمن على الإطلاق، ولم يستطع الصمود عندما دبّر الله الظروف المناسبة. فكّرت في داود وهو يكتب ترنيمة لمدح يهوه الله؛ فعل ذلك لأنه رأى الكثير من أفعال الله وكان لديه فهم حقيقي لقدرة الله وحكمه. لذا، وبغض النظر عن نوع المصاعب التي واجهها، استطاع الاتّكال على الله، وآمن بأن الله أمين وسيرشده بالتأكيد. بعدما تأملت في كل هذا، ابتهج قلبي فجأة: إذًا، رتّب لي الله كل هذا بعناية من أجل أن ينمو إيماني به وتزداد طاعتي له. ما أحتاج إلى فعله في هذا الوقت هو أن أمجّد الله في أعماق قلبي، وأضع همومي واهتماماتي جانبًا، وأطيع عمل الله وأطبّق كلامه في هذه البيئة، بانتظار أن تصبح إرادته واضحة. عندئذ، أتيت أمام الله وصلّيت: “يا الله! مع أنني قلت حرفيًا إنني أضع مسألة العمل بين يديك، لكن بما أنني رأيت الأمل في العثور على عمل يخفت ويضعف، أردت فقط أن أفعل ذلك بمفردي ولم أعد أؤمن بقدرتك وحكمك. يا إلهي، إيماني بك صغير جدًا! أفهم الآن إرادتك، ولن أتّكل بعد الآن على نفسي عند القيام بالأمور. لن أعيش في خوفي وقلقي وأسمح للشيطان بالتلاعب بي. أريد فقط أن أسلّمك كل شيء وانتظر توقيتك. أؤمن بأن كل ما تعدّه لي هو الأفضل”.

لن أفهم أبدًا أعمال الله

بعد ثلاثة أيام رن هاتفي حوالي منتصف النهار. لقد كان أحد معارفي من مكتب الشؤون الأكاديمية، وقال لي بقلق: “يجب أن تأتي بسرعة إلى هنا”. لقد أتى مسؤول التوظيف في الشركة التي كنت تنتظرينها، وسيغادر الليلة على الأرجح. تعالي بسرعة”. كانت هذه المفاجأة الرائعة غير المتوقعة مثيرة للغاية لي، ولم أجرؤ على التصديق بأن الشركة التي كنت أنتظرها وآمل بها قد جاءت فجأة بعد ثلاثة أيام من صلاتي. عندها مرّ في ذهني مقطع من كلام الله: “فإن أي شيء وكل شيء، حيًا كان أو ميتًا، سيتحوَّل ويتغيَّر ويتجدَّد ويختفي وفقًا لأفكار الله. هذه هي الطريقة التي يسود بها الله على كل شيء” (“الله مصدر حياة الإنسان”). شعرت بالدهشة إزاء مدى روعة الله بينما كنت أرتدي ملابسي بسرعة وألتقط سيرتي الذاتية وأهرع إلى مركز التوظيف. في الطريق إلى هناك امتلأ عقلي بالأفكار بشأن الأسئلة التي سيطرحونها عليّ وكيف يجب أن أجيب.
كلما فكرت في الأمر شعرت أكثر بالتوتر، لذلك صلّيت إلى الله بسرعة، وطلبت منه أن يهدئني. حين وصلت إلى هناك، رأيت مجموعة من الطالبات في الخارج كن قد تجمّعن منذ وقت مضى. يبدو أنني كنت آخر من تلقى النبأ. ذهبت إلى نهاية الصف وشاهدت زميلة تلو الأخرى تتحدث إلى رئيس الشركة، وقد تم صرفهن جميعًا بلباقة. قالوا إنهم لا يبحثون عن مرشحات من الإناث، أو أنهم لا يريدون أي شخص يحاول أن يجري اختبارًا في كلية الدراسات العليا – كانت هناك أسباب كثيرة للرفض. جاء دوري أخيرًا. قدّمت بحذر شديد سيرتي الذاتية إلى الرئيس – كانت أول سيرة ذاتية أقدّمها منذ بدء حملة التوظيف، وكانت الأولى التي طبعتها. ألقى نظرة عليها وسألني إن كنت قد أحضرت نسخة من اتفاقية توظيف، وكانت معي واحدة. وعلى عكس ما هو متوقع، لم يطلب مني أي شيء على الإطلاق، إنما قال فقط بطريقة ودية: “وقّعيها”. لم أصدق ما سمعته؛ كما لو كنت أحلم. عندما انتهيت من التوقيع، شعرت وكأنني في غيبوبة. هل كنت ممتنة؟ هل كنت سعيدة؟ هل كنت متحمّسة؟ كان من الصعب وصف حالتي بالكلمات. كل ما استطعت فعله هو تقديم الشكر والحمد لله دون توقف. لقد سبّحت الله بمزيد من الحمد، ليس فقط لأنني حصلت على وظيفة مستقرة، إنما الأهم من ذلك، لأنني مررت بهذه العملية، ورأيت طرق الله العجيبة، وأيقنت أن جميع الأمور والأحداث تخضع لحكم الله وترتيباته. إن أفكار البشر وآراءهم هي أيضًا بين يديه. رتّب الله العمل من أجلي، لذا، بغض النظر عمّا كان الناس يعتقدونه عن مدى صعوبة أو قساوة ظروف التوظيف، لم يتمكنوا من تغيير حكم الله أو ما سبق وعيّنه. قفزت كلمات الله إلى ذهني: “بدون عمل الله، وبغض النظر عن مدى صلاح الإنسان، سيذهب صلاحه هباءً، لأن أفكار الله ستظل دائمًا أسمى من أفكار الإنسان وحكمة الله يتعذر على الإنسان استيعابها” (“لا يؤمن بالله حقًا إلا مَنْ يختبر عمل الله”). منحتني هذه التجربة اختبارًا شخصيًا عميقًا لكلمات الله هذه.
سمحت لي تجربة البحث عن عمل هذه أن أرى بصدق أن روعة الله وعمق غناه يفوقان تمامًا خيالي. ومع أن أيام الانتظار تلك كانت طويلة وشاقة، إلا أنها أصبحت كنزًا ثميناً في حياتي بعد أن اجتزتها. كان إيماني بالله ضعيفًا جدًا، لذا أراد أن يزيد إيماني من خلال عملية الانتظار ليعلمني أن أمنح قلبي الحقيقي لله، وأن أطيع حكمه وترتيباته في كل شيء. عند التفكير في الأمر الآن، أشعر بصدق أنه بغض النظر عن مدة الانتظار هذه، فقد كان يستحق كل هذا العناء لأن الله يكشف عن أفعاله في وقته الخاص، ويسمح لي بأن أرى أن أفعاله موجودة في كل مكان، وأنه الأجدر بالثقة، وأكثر من يستحق الإيمان به والاتّكال عليه مدى الحياة! كل المجد لله!
هذه المقالة مأخوذة من: كنيسة الله القدير 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق