الاثنين، 1 يوليو 2019

كنيسة الله القدير | كيف تَعرّف بطرس على يسوع؟ - الجزء الأول

البرق الشرقي | كنيسة الله القدير | صورة مرسومة باليد

البرق الشرقي | كنيسة الله القدير | صورة مرسومة باليد



كيف تَعرّف بطرس على يسوع؟ - الجزء الأول



لمس بطرس في يسوع، أثناء الفترة التي قضاها معه، صفات عديدة مُحبّبة وخِصالاً كثيرة جديرة بأن يُحتذى بها، وقد اكتسب من يسوع العديد منها. ومع أن بطرس رأى في يسوع كينونة الله بطرقٍ شتى، كما رأى فيه العديد من الصفات الرائعة، إلا أنه لم يعرفه في بادئ الأمر. شَرَعَ بطرس في اتّباع يسوع عندما كان في العشرين من عمره، واستمر في ذلك لمدة ستة أعوام. وخلال هذه الفترة لم يسعَ أبدًا لمعرفة يسوع، ولكن كانت رغبته في اتّباع يسوع نابعة بالكامل من إعجابه به.
عندما دعاه يسوع أولاً عند شواطئ بحر الجليل سأله: "يا سمعان ابن يونا، هل ستتبعني؟" فأجاب بطرس: "لا بُدّ أن اتبع ذاك الذي أرسله الآب السماوي؛ لا بُدّ أن أعترف بذاك الذي اختاره الروح القدس؛ نعم، سوف أتبعك". قبل هذا اللقاء، كان بطرس قد سمع بخبر رجل اسمه يسوع، هو أعظم الأنبياء، الابن الحبيب لله، وكان بطرس يرجو دائمًا أن يجده، وكان يأمل أن تتاح له فرصة أن يراه (حيث كانت هذه هي الطريقة التي قاده بها الروح القدس في ذلك الوقت). ومع أنه لم يره قط، وكل ما قد سمعه عنه هو محض إشاعات، فقد نمى تدريجيًا داخل قلب بطرس شوقٌ له وإعجابٌ به، وكان في أحيانٍ كثيرةٍ يتوق إلى أن يقع بصره في يوم ما على يسوع. كيف دعا يسوع بطرس؟ هو أيضًا قد سمع من قبل عن رجل اسمه بطرس، ولم تأت الدعوة بناءً على أمرٍ من الروح القدس قائلاً له: "اذهب إلى بحر الجليل، وهناك ستجد رجلاً اسمه سمعان بن يونا". بل سمع يسوع شخصًا يتحدث عن رجلٍ يُدعى سمعان بن يونا، وأن الناس قد سمعوا عظاته، وأنه هو أيضًا كان يعظ ببشارة ملكوت السموات، وأن الناس الذين سمعوه قد تأثروا جميعًا بكلماته حتى أنهم بكوا بالدموع. وريثما سمع هذا، تبع يسوع ذلك الشخص واتّجه نحو بحر الجليل؛ وعندما قَبِلَ بطرس دعوة يسوع تَبِعَهُ.خلال هذه الفترة التي تَبِعَ فيها بطرس يسوع، كان لبطرس آراء عديدة بشأنه، وكان دائمًا يحكم عليه من وجهة نظره الخاصة. ومع أنه كان يمتلك درجة معيّنة من الفهم للروح، إلا أن بطرس لم يكن على قدر كبير من الاستنارة، ويتضح ذلك من قوله: "لا بُدّ أن اتبع ذاك الذي أرسله الآب السماوي؛ لا بُدّ أن أعترف بذاك الذي اختاره الروح القدس". لم يفهم الأشياء التي صنعها يسوع، ولم يكتسب أي استنارة. وبعدما تبعه لفترة، بدأ ينمو في داخله اهتمام بما كان يفعله يسوع وبما كان يقوله، وأيضًا بيسوع نفسه. أصبح يشعر بأن يسوع يحفّز كلاً من المشاعر والاحترام؛ لقد أحب أن يرتبط به، وأن يمكث بجانبه، وقد قوّاه وساعده في ذلك الإنصات إلى كلمات يسوع. وبمرور الوقت، وبينما هو يتبع يسوع، أضحى بطرسُ مُلاحظًا في قلبه كل ما يخصّ حياة يسوع: أفعاله وكلماته وحركاته وتعبيراته. واكتسب بطرس فهمًا عميقًا لحقيقة أن يسوع لم يكن مثل أي إنسان عادي. فمع أن مظهره كإنسان كان عاديًا إلى أبعد الحدود، إلا أنه كان مملوءًا محبةً وإشفاقًا وتسامحًا تجاه الإنسان. كل ما فعله أو قاله كان ذا قيمة بالغة في مساعدة الآخرين، وكان بطرس بجواره يَرقُب ويتعلّم أشياءً لم يكن قد رآها أو اقتناها من قبل. رأى أن يسوع – مع أنه لم تكن لديه بنية عملاقة أو إنسانية خارقة – إلا أنه كانت تحيطه حقًا هالة غير عادية على الإطلاق. ومع أن بطرس لم يستطع أن يصفها بدقّة، إلا أنه قد لاحظ أن يسوع كان يتصرف على نحو مختلف عن كل مَن سواه؛ فقد كان يفعل أشياءً تختلف كل الاختلاف عمّا يفعله الشخص العادي. وبمرور الوقت الذي كان يتعامل فيه مباشرةً مع يسوع، أدرك بطرس أيضًا أن شخصية يسوع كانت مختلفة عن شخصية الإنسان العادي. كان دائمًا يتصرف على نحو ثابت، ولم يكن أبدًا متعجلًا، ولم يكن يهوّل موضوعًا أو يسفّهه؛ وقد عاش حياته بطريقة عادية، ولكنها كانت تدعو للإعجاب في ذات الوقت. وفي محادثاته، كان يسوعُ كيّسًا ولطيفًا ولبقًا، وصريحًا وبشوشًا، ولكنه كان أيضًا وقورًا ولم يفقد أبدًا هيبته أثناء قيامه بعمله. رأى بطرس أن يسوع كان أحيانًا صموتًا، ولكنه في أحيانٍ أخرى كان يتكلّم على نحو متواصل. رآهُ أحيانًا سعيدًا للغاية يتحرّك بكل رشاقة وحيوية مثل حمامة، وفي أحيانٍ أخرى رآه في غاية الحزن حتى أنه لم يكن يتكلم مطلقًا، وكأنه أمٌ ثكلى. رآه أحيانًا يملأه الغضب، وكأنّه جنديٌ شجاعٌ يهجم على الأعداء ليقتلهم، وأحيانًا كأنّه أسدٌ يزمجر. كان أحيانًا يضحك، وفي أحيانٍ أخرى كان يصلي ويبكي. أيًا كان ما يعمله يسوع، فإن بطرس أصبح يكنّ له حبًا واحترامًا لا حدود لهما. كانت ضحكة يسوع تغمره بالسعادة، وحزنه يملأه غمًا، وكان غضبه يخيفه؛ أما رحمة يسوع وغفرانه وحزمه فقد جعلته يحب يسوع حبًا حقيقيًا وأوجدت لديه توقيرًا حقيقيًا وشوقًا إليه. وبالطبع لم يدرك بطرس كل هذا إلا تدريجيًا بعد أن عاش ملاصقًا ليسوع لأعوامٍ قلائل.كان بطرس رجلًا حسّاسًا على نحو خاص، مولودًا بذكاء فطريّ، ومع ذلك فقد ارتكب حماقات كثيرة عندما كان يتبع يسوع. كانت له في البداية بعض الأفكار حول يسوع. سأل: "يقول الناس إنك نبي، فعندما كنت في الثامنة من عُمرك – عندما كنت كبيرًا بما يكفي لتفهم ما يدور من حولك – هل كنت تعرف أنك الله؟ هل كنت تعرف أنه قد حُبِلَ بك بالروح القدس؟" أجاب يسوع: "كلا، لم أكن أعرف! ألا أبدو أنا لك مثل أي شخص عادي جدًا؟ أنا مثلي مثل أي إنسان آخر. الشخص الذي يُرسله الآب هو شخص عادي، وليس شخصًا خارقًا. ومع أن العمل الذي أعمله يمثّل أبي السماوي، فإن صورتي وشخصي وجسدي لا تستطيع أن تمثّل أبي السماوي بالتمام، بل فقط جزءًا منه. ومع أني جئت من الروح القدس، إلا أني ما زلت شخصًا عاديًا، وقد أرسلني أبي إلى الأرض كشخص عادي، وليس كشخص خارق." فقط عندما سمع بطرس ذلك بدأ يفهم قليلًا عن ماهية يسوع. ولم يستطع بطرس أن يكتسب فهمًا أعمق بكثير من ذلك إلا بعد أن قضى ساعات لا حصر لها يرى أعمال يسوع ويسمع تعاليمه ويلمس رعايته ومساندته. في العام الثلاثين من عُمر يسوع قال لبطرس عن صلبه الوشيك، وأنه قد أتى ليُصلب من أجل فداء البشرية كلها. وقال له أيضًا إنه بعد ثلاثة أيام من الصلب، سوف يقوم ابن الإنسان ثانيةً، وبعدما يقوم سوف يظهر للناس لمدة أربعين يومًا. وقد حزن بطرس عند سماعه هذه الكلمات، إلا أنه اقترب من يسوع أكثر من أي وقتٍ مضى، حيث أَدخل كلماته إلى قلبه.بعد أن اختبر بطرس العِشرة مع يسوع لبعض الوقت، بدأ يدرك أن كل ما عمله يسوع كان يدلّ على كونه الله، وبدأ يفكر كم يستحق يسوع أن يُحَب بطريقة استثنائية. وعندما اقتنى بطرس هذا الفهم، عندئذ فقط، بدأ الروح القدس يهبه استنارة داخلية. ثم توجّه يسوع إلى تلاميذه وأتباعه الآخرين، وسأل هذا السؤال: "يوحنا! مَنْ تقول إنّي أنا؟" فأجاب يوحنا: "أنت موسى". ثم توجّه إلى لوقا، وسأله: "وأنت يا لوقا، مَنْ تقول إنّي أنا؟" فأجاب لوقا: "أنت أعظم الأنبياء". ثم سأل إحدى الأخوات: "مَنْ تقولين إنّي أنا؟" فأجابت الأخت: "أنت أعظم الأنبياء، حيث تتكلم بكلمات وافرة من الأزل وإلى أبد الآبدين. ليس من نبوّات قالها أحد الأنبياء أعظم من نبوّاتك، ولا توجد حكمة أعمق من حكمتك؛ إنك لنبي". ثم توجّه يسوع إلى بطرس، وسأله: "وأنت يا بطرس، مَن تقول إنّي أنا؟" فأجاب بطرس وقال: "أنت هو المسيح ابن الله الحي. أنت أتيت من السماء. إنّك لست من الأرضِ، وأنت لست مثل خلائق الله. إننا هنا على الأرض، وها أنت هنا معنا، ولكنك من السماء. أنت لست من العالم، ولست من الأرض." لقد كان من خلال اختباره أن الروح القدس قد وهبه الاستنارة التي مكّنته من أن يصل إلى هذا الفهم. وبعد هذه الاستنارة زاد إعجابه بكل شيء فعله يسوع، وزاد شعوره بأنه فعلًا يستحق كل حُبّ، وكان دائمًا في قلبه يأبى أن يفترق عن يسوع. ولذلك – في المرة الأولى التي أعلن فيها يسوع له ذاته بعد صلبه وقيامته – صرخ بطرس بفرحةٍ لا تيضاهيها فرحةٌ: "ربي! لقد قمت!" ثم بعد ذلك صاد سمكة كبيرة وهو ما يزال يبكي، وطبخها، وقدّمها ليسوع. ابتسم يسوع، ولكنه لم يتكلم. مع أن بطرس عَلِمَ أن يسوع بالفعل قد قام، لم يفهم ساعتها مغزى ذلك. وعندما قدّم ليسوع السمكة ليأكل لم يرفض يسوع، غير أنه لم يتكلم ولم يجلس ليأكل، ولكنّه اختفى فجأةً. وكانت هذه صدمة كبيرة لبطرس، وحينئذٍ فقط أدرك أن يسوع القائم من الأموات كان مختلفًا عن يسوع الذي عرفه فيما قبل. وعندما أدرك ذلك حزن بطرس، ولكنه أيضًا استراح عندما عَلِمَ أن الرب قد أتمّ مُهمّته. نعم، لقد عَلِمَ أن يسوع قد أتمّ مُهمّته، وأن الوقت الذي ينبغي أن يمضيه مع البشر قد انتهى، وأنه يتعين على الإنسان أن يسلك في طريقه من الآن فصاعدًا. قال له يسوع ذات مرة: "أنت أيضًا لا بُدّ أن تشرب من الكأس المرّة التي شربت أنا منها (هذا ما قاله يسوع بعد قيامته)، وعليك أيضًا أن تسلك في نفس الطريق التي سلكتها أنا، وعليك أن تضع حياتك لأجلي." وعلى عكس الحال الآن، فإن عمل الروح في ذلك الحين لم يأخذ شكل محادثة وجهًا لوجه. كان عمل الروح القدس خلال عصر النعمة مخفيًّا تمامًا، وقد قاسى بطرس الكثير من المصاعب، حتى أنه في بعض الأحيان كان يصل إلى حد التعجّب، فيقول: "يا إلهي! إنّي لا أملك سوى هذه الحياة. ومع أنها لا تساوي الكثير لكَ، إلا أنّي أتمنى أن أكرّسها لك. ومع أنّ الناس لا يستحقّون أن يحبّوك، ومحبتهم وقلوبهم لا تساوي شيئًا، إلا أنّي أؤمن أنكَ ترى نيّات قلوبهم. ومع أن أجساد الناس لا تحظى بقبولك، فإني أتمنى لو أنك تقبل قلبي." وعندما كان بطرس يصلي هذه الصلوات كان يتلقّى تشجيعًا، وخاصةً حينما كان يصلي هكذا: "سوف أكرّس قلبي بالكليّة لله. ومع كوني لا أستطيع أن أفعل أي شيء لله، سوف أُرضي الله بكل ولاءٍ، وسوف أكرّس نفسي له بكل قلبي. أؤمن أن الله لا بُدّ وأن ينظر إلى قلبي". وكان يصلي بطرس ويقول أيضًا: "لا أطلب أي شيء في حياتي سوى أن تكون أفكاري الخاصة بحب الله ورغبة قلبي مقبولة لدى الله. لقد قضيت وقتًا طويلًا للغاية مع الرب يسوع، إلا أنني لم أحبه قط، وهذا هو الدين الأكبر الذي أنا مَدينٌ به. فمع كوني قد مكثت معه، إلا أنّي لم أكن أعرفه، ولربما أيضًا قد تفوّهت من ورائه بكلمات لا توقير فيها. إن التفكير في هذه الأمور يجعلني أشعر أكثر بأنّي مدين بشدة للرب يسوع". وكان دائمًا يصلي بهذا الأسلوب، فكان يقول: "إنّي أقل من التراب. لا أستطيع عمل شيء سوى أن أكرّس هذا القلب الوفيّ لله."كيف تَعرّف بطرس على يسوع؟ - الجزء الأول | كنيسة الله القدير

هذه المقالة مأخوذة من: كنيسة الله القدير 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق